مروة حسن الجبوري
على جدران سوق المدينة زينت السيدة ام كريم صناعتها اليدوية التي كانت مصنوعة من السعفة وبقايا عود القش، فرسمت لوحة فنية تراثية فقدت منذ زمن في السوق العراقي، وبعد عودتها اصبحت تسر الناظرين الذين يفتقدون التراث العراقي بكل ما فيه من الصناعة والفن ،.
وتعد صناعة القش من اقدم الصناعات اليدوية التي كانت في العراق، وليست بهذه الصورة التي يراها البعض بمجرد تجديلها في الاصابع فهناك دقة في العمل و تحتاج إلى ذهن صاف وتركيز شديد، فهذه خريطة ذهنية ترسم زخرفة الاعواد و غير قابلة للخطأ وتحتاج الى ساعات طويلة من العمل الشاق.
السيدة ام كريم تسرد لنا حكايتها مع القش:
انا وهذه الاعواد قصة من الحب والانسجام لا تنتهي فهي تعرفني من لمسة يدي وانا اعرفها من لونها، عشرون عاما وانا اعمل بهذه المهنة، حتى تأكلت اصابعي وتمزق بعضها، فهي صلبة اول قطعها و لاتترك الأوراق تحت أشعة الشمس حتى لا تجف وتتكسر وبعد غسلها وتركها حتى تصبح مرنة و نتمكن من تلوينها وصناعتها، نحتاج الى إبرة معدنية صغيرة حتى نخيط اطراف العمل ، ويختلف الزخرفة من عمل الى اخر، ففي الصيف نتجه الى صناعة ( المهفة) والحصير ، متامسكة بين بعضها بدقة مع بعض الرسوم وصبغها بالون الاحمر مع الاخضر، على اشكال مختلفة دائرة حلزونية ، ومستطيلة ، في نسيج من القش المزخف، و عرضه في أسواق الشعبية.
وتقل الطلب على هذه الصناعة في فصل الشتاء حيث اصنع المكانس، توارثت هذه الحرفة عن والدتي وجدتي رحمهم الله، فقد اعتادوا في الماضي على فرش الحصير القش وتغطية السقف بها ، ومازلت اتذكر لايخلو البيت العراقي من ( المهفة ) .
اليوم تراجع الإقبال عليها و دخلت البدائل في المجتمع العراقي فأصبحت الاجهزة الكهربائية وذات بطارية اضافية، واختلاف الاجيال ، اصبحت لا قيمة لهذه الحرفة مع انها تمثل ماضي جميل جدا ، وتحولت إلى مجرد تحف للزينة، .
مع هذا لم استطيع ان اترك المهنة التي ورثتها من عائلتي واجلس ساعات طويلة لنسج السلال من القش المزخرف ، وخطوات العمل هي البدء بعقدة صغيرة من سعف النخيل تحيطها بأعواد وترتفع مع كل مرة ،
ورغم اندثار هذه الحرفة إلا أنها باتت مصدر رزق لعائلتي ، ولزوجي السبيعيني ، وكل ما اجنيه هو خمسة وعشرون دينار مقابل 40 مهفة .
بنهيدة وحسرة تكاد ان يسمعها البعيد قبل القريب اكملت حديثها السيدة ام كريم وهي تقول تبقى تراث ابائي .
عزيزتي القارئ قد تسأل ما هي المهفة ؟
في المصطلح العراقي تجد هذه الكلمة اول ما تذكر في فصل الصيف وهي
عبارة عن اعواد من (الخوص الرقيقة ) مركبة على شكل مربع ويدخل في حياكتها عصا (اليدة ) حتى يتمكن المستخدم من تحريكها لجلب الهواء .
وانتشرت صناعة هذه السلال على اختلاف انواعها و هي بغداد و والمسيب وكربلاء المقدسة والنجف الاشرف البصرة وبعقوبة، وكردستان . وقد اشتهرت النساء الريفيات بهذه الصناعة
بين ماضي عميق وحاضر انيق فقدت بعض الحرف وعلى ونين اصحابها تغفى الاجيال .
. عزيزتي القارئ هناك سلسلة من المهن والحرف التي ستناولها قريبا هنا.
لاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر الفيس بوك لمتابعة كل جديد .
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر كوكل بلس لمتابعة كل جديد
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر تويتر لمتابعة كل جديد .
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر اليوتيوب لمتابعة كل جديد .
تابع