|

سي أي ان عربي سي أي ان عربي
الرئيسية

آخر الأخبار

الرئيسية
randomposts
جاري التحميل ...
randomposts

رسالة إلى أليس ووكر


حميد سعيد

إن ما كنت أهدف إليه من رسالتي إلى هذه الكاتبة الأميركية والناشطة السياسية والاجتماعية، لا أقصد منه سوى أن تعود إلى اهتمامها بقضية العراق الذي تعمد سلطته الفاشلة إلى تدمير بنيته الاجتماعية وتخريب جميع مقوماته التاريخية والثقافية والدينية.
أليس ووكر توقعت الخراب الذي سيعصف بالعراق بعد الاحتلال
في ما كنت أسترجع ما حدث لوطني وما انتهى إليه، وهو يعيش تحت وطأة الحال الذي نتج عن جريمة الاحتلال الأميركي، منذ سنة 2003، واستمر حتى يومنا هذا، بل تفاقم الوضع فيه ويتفاقم بمرور السنين في ظل الصفحة الثانية من هذه الجريمة، حيث تم تسليم العراق إلى مجموعات فاسدة وجاهلة وحاقدة، لم يتجاوز دورها التخريب الذي شمل جميع مناحي الحياة، الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومهما قال المراقب المدقق والموضوعي في ما اقترف من تخريب، لن يزيد على ما يقوله بعض رموز هذه المجموعات الفاسدة الجاهلة الحاقدة، كبيرها وصغيرها، بدليل أن المسؤول الأول في السلطة تحدث عن أربعين ملف فساد، فلم يترك نشاطاً من النشاطات العامة إلا ووسمه بالفساد، حتى أن أحد الظرفاء علق قائلاً: كل ما في العراق ينخر فيه الفساد باستثناء نشاط البغاء، وهذا ما نحمد الله عليه.
في مثل هذه المراجعة في استذكار احتلال وطني، عنَّ لي أن أكتب رسالة إلى الكاتبة الأميركية من أصول أفريقية أليس ووكر التي نالت جائزة البولتزر على روايتها البشرة الأرجوانية، التي تحولت إلى فيلم سينمائي ناجح بالعنوان ذاته، أخرجه ستيفن سبيلبرغ، وهي ناشطة سياسية واجتماعية، وقد سبق لي أن كتبت إليها رسالة في السنة الأولى من الاحتلال، شكرتها فيها على موقفها في رفض العدوان على العراق، فحين بدأت الحرب وانهمرت الصواريخ والقنابل على بغداد وجميع مدن العراق وريفه وباديته، لم تقف ووكر متفرجة، بل بادرت إلى جمع عدد من الكاتبات الأميركيات وتوجهن إلى البيت الأبيض يطالبن بوقف العدوان، وقد اعتقلت ووكر في ذلك اليوم، وقد كتبت عن هذه التجربة في كتابها “نحن أولئك الذين كنا بانتظارهم” ومما قالته عن موقفها هذا، بدا لي الأمر ضروريا، لأنني لا أؤمن بإيذاء الناس، لا أؤمن بإلقاء القنابل على الأطفال، وهكذا كنت مع نساء أخريات لديهن الإيمان بأن نساء وأطفال العراق محل الحب، تماماً مثلما هن نساؤنا وأطفالنا، ولذلك بدا لي الأمر وكأننا نمضي فعلياً لقصف أنفسنا بالقنابل.
ومن المفارقات، أن كتابا عراقيين جاؤوا مع المحتل أو استقبلوه كأدلاء ومخبرين استأجرهم المحتلون فقبلوا القيام بهذا الدور.
وكانت أليس ووكر، قد توقعت بعد الاحتلال، الخراب الذي سيعصف بالعراق، لذا فقد كتبت إليها، رسالتي الثانية، وتحدثت فيها عن بعض هذا الخراب، وأن ما حدث أكثر بكثير مما توقعت، بل مما توقع أكثر المراقبين تشاؤماً، وأشرت في رسالتي إلى ملايين العراقيين الذين قتلوا واغتصبت ممتلكاتهم وحرقت مزارعهم والذين تشردوا داخل وطنهم أو في جميع قارات العالم وبلدانه، وإلى الذين ما زالوا في سجون سرية لا تعرف عوائلهم أين هم وماذا حل بهم، وطلبت منها أن تطلع على التقارير الأممية التي أعدتها مؤسسات مهنية وأكاديمية، عن خراب التعليم بجميع مراحله وتراجع الخدمات الصحية وجميع الخدمات العامة الأساسية والضرورية.
إن ما كنت أهدف إليه من رسالتي إلى هذه الكاتبة الأميركية والناشطة السياسية والاجتماعية، لا أقصد منه سوى أن تعود إلى اهتمامها بقضية العراق الذي تعمد سلطته الفاشلة إلى تدمير بنيته الاجتماعية وتخريب جميع مقوماته التاريخية والثقافية والدينية، عسى أن ترفع صوتها القوي والمؤثر ثانية، كما فعلت من قبل وكما هي مواقفها من قضايا الشعوب التي تتعرض للقهر والظلم والاضطهاد، فلست ممن يتوهمون بأن القاتل حين يكون قاضياً، يمكن أن يكون عادلاً وأن يعيد الحقوق إلى من قتله أو شارك في قتله، مادياً أو معنوياً.
وحين اخترت أليس ووكر لأكتب إليها رسالتي، مع أنني كتبت رسائل من قبل إلى عدد من الكتاب العالميين بشأن معاناة وطني، فذلك لأنني أعرف أنها هي الأخرى عانت وتعاني من الظلم والقهر والاضطهاد وهذا ما يجعلها صادقة في مواقفها ومؤثرة في ما تقول.
  • لاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر الفيس بوك لمتابعة كل جديد .

    تابع
  • لاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر كوكل بلس لمتابعة كل جديد

    تابع
  • لاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر تويتر لمتابعة كل جديد .

    تابع
  • لاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر اليوتيوب لمتابعة كل جديد .

    تابع

الموقع لايتحمل أية مسؤولية عن المواد المنشورة في قسم الاراء ويتحمل الكاتب كامل المسؤولية عن أرائه وما يرد فيها التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكية أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر .. والموقع يكفل حق الرد للجميع

جميع الحقوق محفوظة

سي أي ان عربي

2019